| 0 التعليقات ]

ضرورة الإختلاف.. !!



قال تعالى ؛
{ وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ }



هذه القصة أو المحاورة حدثت قبل أكثر من ألف سنة (( في القرون الوسطى )) وهي توضح روح السجال الديني التي كانت تحصل في تلك العصور , حول الله , وصفاته , والدين , وتوضح معتقدات تلك الأقوام المختلفة عن بعضها , عقائديآ وجغرافيآ واجتماعيى ... ألخ
وبين يدينا نموذج من تلك الحوارات الراقية التي كانت تتم في جو من الهدوء والتواصل والمحبة , واحترام رأى الآخر ... رغم ما بينهما من اختلاف شاسع في الجنس والعقيدة واللغة والبيئة .

هذا الحوار حدث بين ابن فضلان الذي أرسله الخليفة العباسي إلي ملك البغار ثم توجه إلي دول الشمال ( الأسكدنافية ) وبين هرجر أحد الفرسان المشهورين في تلك البلاد , ونقصد ببلاد الشمال هي { السويد , والمجر , والدنمارك } .

يقول ابن فضلان في مذكراته ؛{ وقفنا يومآ فوق المنحدرات ننظر إلي السفينة على الشاطئ حيث يتم إعدادها وتجهيزها بالمؤن . قال لي هرجر :" سوف تباشر رحلة طويلة . سنصلي من أجل سلامتك " سألته لمن سيصلي , فأجاب " إلي أويدين , وفري , وثور , وإيرد , وعلى عدة آلهة آخرين ممن يمكن أن يكون لهم تأثير على سلامة رحلتك " . وكانت تلك أسماء آلهة أهل الشمال . أجبته :" إنني أؤمن بإله واحد هو رب العالمين , الرحمن الرحيم " فقال هرجر :" إنني أفهم هذا . ربما يكون إله واحد كافيآ في بلادك . أما هنا , فليس كذلك , توجد آلهة كثيرة , ولكل منها أهميته , ولهذا , فإننا نصلي لهم جميعآ لمصلحتك " شكرته على صلواته , لأن صلوات غير المؤمن وهي صلوات صالحة بقدر ما هي مخلصة , وإنني لا اشك في إخلاص هرجر . لقد كان هرجر يعرف منذ زمن طويل أن عقيدتي تختلف عن عقيدته , ولكنه , مع اقتراب رحيلي , كان يسأل مرة تلو المرة عن معتقداتي , ظنآ منه أنه يمكن أن يلتقطني عن هفوة تخرج في غيبة الرقابة الذهنية , فيقف بذلك على الحقيقة . كنت أشعر بأن أسئلته الكثيرة كانت نوعآ من الامتحان , كما فعل بوليويف مرة عندما امتحن معرفتي بالكتابة . ولكنني أجبته بنفس الطريقة والمضمون , مما كان يزيد في ارتباكه . في يوم من الأيام , ودون أن يتظاهر بأنه سأل نفس السؤال في مرة سابقة , قال لي هرجر :" ما هي طبيعة ربك الله ؟ " . قلت له :" إن الله هو الإله الواحد الذي يحكم الكون , ويرى كل الأشياء ويتصرف بها " . ولقد سبق أن قلت له هذه الكلمات . وبعد مضي بعض الوقت , قال لي هرجر :" ألا تغضب الله هذا أبدآ ؟ " قلت له :" إنني أفعل , ولكنه غفور رحيم " . قال هرجر :" هل هو غفور عندما يشاء ووفقآ لما يشاء ؟ " . قلت إن الأمر كذلك حقآ . وبعد أن فكر في جوابي , هز رأسه قائلآ :" إنها مجازفة أعظم مما يمكن احتماله , لا يمكن للمرء أن يضع ثقته كلها في شيء واحد , سواء أكان امرأة , أو حصانآ أو سلاحآ أو أي شيء فريد " . قلت :" ومع ذلك , فإنني أفعل " . أجاب هرجر " الرأي رأيك , ولكن هناك أكثر من الكثير مما لا يعرفه الإنسان , وما لا يعرفه يدخل في دائرة اختصاص الآلهة " . وجدت أنه بهذه الطريقة , لايمكن إقناعه بمعتقداتي كما لا يمكن أن اقتنع بمعتقداته , فافترقنا .

0 التعليقات

إرسال تعليق