| 0 التعليقات ]

عفوًا..أم المؤمنين وقفت ووقفت معي فتيات كثيرات وصفرة الفاجعة تعلونا، ترجف أيدينا، تدور أعيننا فزعة في محاجرها، تتعالى صدورنا تقذف، وتتلقى أنفاسنا بصعوبة، كأنما تخرج من ثقب إبرة، لقد فقدنا أمنا! وبينما نحن على هذه الحال أطل علينا جمل يسير الهوينى عليه هودج بداخله صبية فاقت الصبايا طهراً وعفة وجمالاً وصفاءً وعلماً، يأخذ بخطام الجمل فارس نبيل تلميذ نجيب في مدرسة العفة والطهارة. الحمد لله لقد عادت أمنا سليمة، لقد سار الركب دون أن يفتقدها، ولكنها لحقت بنا وما إن توسط الركب الجمع حتى لمحه حاقد موتور يبطن كفراً ويُظهر إيمانا، له في كل حادثة أو مجلس موقف يزيد رصيده من الكفر والنفاق، ابن سلول الجالس مع أصحابه عصبة النفاق سألهم من هذه؟ إنها عائشة وهذا صفوان بن المعطل، فقال المنافق: والله ما نجت منه ولا نجا منها، امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقودها! قولة خبيثة أرعبتنا نحن البنيات فتعالت أصواتنا هذا لا يجوز نستلهم معها حسبنا الله ونعم الوكيل، وسرت الشائعة كما تسري النار في الهشيم، وتعاظم إفكه ليؤذي رسول الله في أهله، ماكر محتال لما هاجر الرسول إلى المدينة كانت الأوس والخزرج تنظم له الخرز لتتوجه ملكاً عليها بعد الصلح الذي عقدوه على إثر حروب طويلة ودامية بين القبيلتين، إذاً لابد أن لا يترك أمراً كهذا يفوته. دخلت الصبية عائشة إلى بيتها دون أن تسمع أيًا من الهمس الذي دار حول ركبها كان جسدها الغض يقع تحت وطأة الحمى، إنها لا تشتهي الطعام والشراب ولا تملأ البيت كما كانت حركة وحبورًا، تتقلب على فراشها وكلما زادت عليها الحمى ذكرت ربها تطلب منه الشفاء وتحمده على الداء. تقول في نفسها: ما بال زوجي؟ لا أجد منه اللطف الذي كنت أعهده منه حين أشتكي! لم لا يقترب مني؟ لم لا يناديني باسمي،وأنا الحبيبة إليه المدللة عنده؟ يدخل البيت يسلم على من فيه ثم يقول: كيف تيكم؟ إن أمره يريبني حقاً، ولكني أعرفه الزوج المحب العطوف لا شر من جانبه تجاه كل من في الأرض، فكيف بي وأنا زوجه؟ وخارج تلك الغرفة البسيطة ببنائها وأثاثها، العظيمة بمن فيها وما ينزل فيها، المدينة تغلي.

0 التعليقات

إرسال تعليق